تحدّي: 7 أيام لصناعة فيلم - الجزء الثاني
06 يونيو 2013

Mohammed Hassan Ahmed, Emirati Screenwriter of ‘Sea Shadow’ (2011)
بقلم بن روبنسون
في اليوم الأول للورشة، شارك الطلاّب في سلسلة من الألعاب التي تهدف إلى كسر الجليد، وبناء روح الفريق وكسر حواجز الخجل، وتعزيز التواصل. وكانت مشاهدة وتحليل مجموعة مختارة من الأفلام الكلاسيكية القصيرة الحائزة على جوائز من جميع أنحاء العالم، تمريناً أساسياً في الورشة. يعرّف هذا النشاط المشاركين على لغة رواية الأفلام القصيرة. فالأفلام القصيرة تختلف عن الأفلام الطويلة، حيث يتسنّى لصانع الأفلام وقت قصير جداً من أجل بناء الشخصيات وهيكلية القصة وإمتاع الجمهور. بعد اليوم الأول المليء بالارشادات حول الحبكة والاستراتيجية القصصية، والعديد من الأفلام القصيرة المذهلة، أصبح المشاركون جاهزين لاستقبال اليوم الثاني. في هذا اليوم بدؤوا بوضع تصوّرات مسبقة لأفكار جديدة من نوعها.
*في اليوم الثاني*، بدأ كاتب السيناريو الاماراتي المعروف محمد حسن أحمد تمرينات مكثّفة استمرّت 3 أيام، حول رواية القصة، باللغة العربية. تساعد طريقة محمد في التدريس الطالب على البحث في أعماق أفكاره، وبناء دوافع شخصيات فيلمه، والأجواء التي تدور فيها الأحداث، سعياً وراء أكبر قدر من الطبيعية. كما أن المشاركين من غير العرب تابعوا التمرين ذاته مع مدرّبين آخرين باللغة الانكليزية.

(L-R) Habiba, Dana, Nadia and Karem develop their scripts.
“الورشة ساعدتني على إخراج أفكاري والحصول مباشرةً على ردود الفعل. علّمنا المدرّبون على طريقة كتابة القصة، ثم عرضنا عليهم القصص التي ألفناها (أكثر من مرة)، وساعدونا على صقل أفكارنا. كان مذهلاً أن نتمكن من إدراك كيفية وضع هيكل القصة القصيرة، وكيف تختلف عن طريقة كتابة الفيلم الروائي الطويل”. – ناديا الخاطر، طالبة
قضى الطلاب اليومين الثالث والرابع في صقل وإعادة كتابة أفكارهم. وفي الحصة الأخيرة لليوم الرابع، مُنح كل مشارك نحو ثلاث دقائق من أجل عرض فكرته وبيعها للجنة مؤلفة من كل من محمد حسن أحمد، مهدي علي علي، ستيفن ستراتشان، والمنسّقة الرئيسية في قسم منح الأفلام بمؤسسة الدوحة للأفلام، لوسي مينال.

(L-R) Mohammed Hassan Ahmed, Mahdi Ali Ali, DFI Grants Senior Coordinator Lucie Maynal and Stephen Strachan.
“كان ممتعاً الاستماع إلى كل تلك القصص المتنوّعة من قطر، واكتشاف الأفكار التي تدور في رؤوس الشباب. كانت فرصة رائعة للتعرّف على قدراتهم الابداعية وعالمهم. أذهلتني درجة المهنية العالية التي عرضوا فيها أفكار أفلامهم: كانت الثقة واضحة عليهم، وشعرنا فعلاً برغبتهم الشديدة بتحويل تلك الأفكار إلى أفلام. لكن كان علينا أن نختار بعضها، وكان من المحزن ألا نختار قصصاً رائعة أخرى، شعرنا أنها بحاجة للمزيد من العمل والتطوير.“ – لوسي مينال المنسّقة الرئيسية في قسم المنح السينمائية بمؤسسة الدوحة للأفلام.

Participants pitching their story idea.
بعد مخاض عسير، اختارت اللجنة أربعة أفلام للبدء بتصويرها في عطلة نهاية الأسبوع، وفيلميْن آخريْن للمباشرة بهما في الأسبوع التالي.

بعد الانتهاء من اختيار النصوص، حان وقت تشكيل فريق الانتاج. تنوّعت الأدوار التي شغلها المشاركون ما بين كاتب/مخرج، مساعد مخرح، منتج، مدير موقع، مصوّر وممثّل.
الوقت ضيّق، لكنه يفرض عليك التدبير السريع لإنجاز كل شيء في الوقت المحدّد. تم تحديد 24 ساعة لإنهاء مرحلة ما قبل الانتاج أو تصوير الأفلام. بالطبع، المحترفون يحصلون على وقت أكبر من ذلك بكثير، كما سيواجهون تعقيدات وصعوبات كثيرة خلالها.
لا بد من الاشارة إلى أن تصوير الأفلام كان مخيفاً ومرهقاً، لكنه كان ضرورياً من أجل حصول المشاركين على الخبرة العملية الضرورية. مرّ أسبوع الورشة الأول بسرعة البرق: تم تصوير أربعة أفلام في يوميْن فقط. مهما كانت التحضيرات محكمة، تحصل الكثير من الأخطاء والحوادث المضحكة، مع تعدد الوظائف التي تدخل في صناعة الفيلم (من تصوير، وإضاءة، وتسجيل صوتي، وإدارة الوقت والممثلين). والأفضل هو التزام الهدوء مهما حصل، والتنظيم، والابتعاد عن التوتّر، ثم محاولة إنهاء الفيلم.
هناك مثل سينمائي قديم يقول: “لا تعمل أبداً مع أطفال أو حيوانات”. غير أن الأفلام الأربعة استعانت بأبطال من الأطفال الذين لم يملكوا أية خبرة مسبقة في مجال التمثيل.

A shot from workshop student Dana An-Natsheh's film ‘Sweet Violence’
نظّمت الفرق الأربع جدول تصوير أفلامها. وكانت النصوص التي توجّب عليهم تحويلها إلى أفلام، معقّدة وعاطفية جداً، مما تتطلب من الممثلين الصغار تقديم أداء قوي. لحسن الحظ، تمكن الطلاب من التقاط بعض اللحظات الساحرة والقوية.
بعد الانتهاء من تصوير الأفلام، حان وقت المونتاج. قيل إن “المخرج يصنع الفيلم ثلاث مرات: حين يكتبه، ثم يصوّره، ثم يمنتجه”. في غرفة المونتاج، يجب أن تتعامل مع المشاهد التي صوّرتها، مما قد يختلف قليلاً عن مسار القصة ومنظومة المؤثرات العاطفية التي وضعتها وخططت لها منذ البداية. أمضينا الأسبوع التالي في المنتجة مراراً وتكراراً. وكان العملية بإشراف ممنتجين محترفين من مؤسسة الدوحة للأفلام، وآخرين زائرين أمثال روب فروكتمان الذي سبق له العمل مع مخرجين عالميين أمثال دايفيد لينش وروبرت ردفورد وفرانسيس فورد كوبولا.
بعد الانتهاء من هذه العملية برمّتها، حان وقت عرض الفيلم كي يراه الممثلون وفريق العمل وأفراد عائلاتهم: تجربة رائعة لكن متعبة! أعرب كل المشاركون عن استمتاعهم بها، وعبّروا عن حماستهم لإنتاج أفلام أخرى. المثير في ورشة “التحدي” هو إتاحتها إمكانية العودة إلينا مرة أخرى لصناعة المزيد من الأفلام. وما بين الورشة والأخرى، نشجّع الطلاب على المشاركة في ورشتي “عكّاس السينما“، و“قول قصة” من أجل مزيد من التطوير لمهاراتهم الكتابية والتصويرية. كما أن مؤسسة الدوحة للأفلام تدير حالياً مبادرة حزاوي التي تستهدف صانعي الأفلام الخليجيين الأكثر خبرة في المجال السينمائي، ممن صنعوا العديد من الأفلام القصيرة، وباتوا على أتم الاستعداد للمضي في مشاريع أضخم وأكثر طموحاً. ومع تطوّر مهارات طلاب “التحدّي“، سيتمكنون هم أيضاً من المشاركة في مبادرات مثل “الحزاوي“، وبعد ذلك صناعة أفلام روائية طويلة.
كل شيء يتحقّق بالتمرين والتدريب والتفاني.
تعرّف على جميع نشاطات وورشات قسم تطوير أفلام الخليج هنا