أضواء على مهرجان "ساندانس"
22 يناير 2012

يُعرض “وادي القديسين” الفيلم الأول للمخرج موسى سيد، غداً للمرة الأولى في “مهرجان ساندانس السينمائي“، ويستمر عرضه يومياً حتى نهار الجمعة. يضيء الفيلم على محاولات شاب من كشمير الهروب من منطقة عسكرية بالقرب من بحيرة “دال” في “سريناغار”. أجرينا في وقت سابق من هذا الأسبوع لقاءً مع كل من موسى سيد والمنتج نيكولا بروكمان.
مؤسسة الدوحة للأفلام: ما الذي دفعك إلى كتابة “وادي القديسين“؟
موسى سيد: كانت لدي رغبة في أن يتخذ عملي الأول طابعاً شخصياً، لذا أردت التطرق إلى تاريخ عائلتي. كان والدي سجيناً سياسياً في الستينات، نتيجة مشاركته في حركة استقلال كشمير. وبعد الإفراح عنه وهجرته إلى أميركا، حيث ولدت، التزم والدي الصمت حيال حياته السابقة في كشمير، ولم نتحدث يوماً بلغتنا الأصلية، ولم نزر عائلتنا هناك مطلقاً، وباتت كشمير بالنسبة لي مكاناً غامضاً.
وكحال عدد كبير من أطفال المهاجرين، أثارت فضولي فكرة اكتشاف نوعية الحياة في كشمير. صحيح أنه لم تتسنى لي فرصة التعرف عليها، إلاّ أن اكتشاف هذه الأرض عن قرب دفعني إلى كتابة قصة تحمل معان عالمية شاملة.
مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف تمت عملية اختيار الممثلين في الفيلم؟ هل أجريت تجارب آداء لمواهب من كشمير؟
موسى سيد: كنت مدركاً بأن عملية التصوير ستتم في مكان فريد من نوعه على ضفاف بحيرة “دال“، حيث يعيش الآلاف من السكان على جزرٍ من صنعهم ويعتمدون في تنقلاتهم على القوارب، ويعتاشون من خيرات هذه البحيرة. لذا قررت الاستعانة بممثلين غير محترفين من هذه البيئة المائية، في الأدوار الرئيسية.
قبل الشروع بعملية الإنتاج بعام واحد، أمضيت صيفاً كاملاً محاولاً اكتشاف المزيد عن المجتمع هناك. لفت انتباهي أحد رجال القوارب، اسمه “غولزار”. أطلعني على قصائد كتبها فأدركت حينها أن له روح فنان. أمضيت برفقته أسبوعاً كاملاً فأصبحنا أصدقاء، ودعوته إلى المشاركة في الفيلم فوافق.
أمّا “نيلوفار حميد” فهي الممثلة المحترفة الوحيدة، وقد لعبت دوراً رئيسياً في الفيلم.
مؤسسة الدوحة للأفلام:كم استغرقت عملية بحثك الشخصي وكتابة وتصوير ومنتجة “وادي القديسين” من الوقت؟
موسى سيد: كان العمل عليه متقطع نسبياً، لقد حصلت على التمويل أثناء كتابة المسودة الأولى من النص والتي استغرقت مدة خمسة أو ستة أشهر. أمضيت ذاك الصيف في كشمير أجري المزيد من الأبحاث، عندما التقيت بـ “غولزار” واخترته لأداء لدور البطولة. لاحقاً وخلال الأشهر الستة أو السبعة التي تلت، عدت إلى أميركا، راجعت النص وعدّلت بعض الامور، ليتوافق مع شخصية “غولزار“، وسرنا بمرحلة ما قبل الإنتاج. لكن قبل العودة إلى كشمير لبدء التصوير، اعترضنا فرض حظر تجول في كشمير بسبب تصاعد وتيرة الاضطرابات، فلم أعد قادراً على بدء التصوير في ظل الحظر. وفي غضون أسابيع أعدت كتابة النص، وفي خلال شهرين ونصف، تمكن فريق الإنتاج الصغير من الانتهاء من التصوير. أنهينا العمل بالفيلم الأسبوع الماضي.
مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي الصعوبات التي واجهتكم أثناء عملية إنتاج الفيلم؟
نيكولاس بروكمان: ذهبنا إلى كشمير ونحن نعلم مسبقاً بحظر التجول، فقررنا عدم توسيع رقعة الفيلم وإبقائه ضمن نظاق بحيرة “دال”. كنا في عداد العالقين في ذلك المكان، بسبب منع التجوّل على الطرقات. لكننا أدركنا أنه علينا المغامرة والخروج باتجاه المدينة، وكنا نخترق الحظر ونتسلل إليها ليلاً، لتصوير بعض المشاهد.
وفي إحدى الأمسيات، تبعنا شرطي متخف إلى مكان إقامتنا، وطلب منا إبراز جوازت السفر. ثم أخبرنا أنه علينا مغادرة كشمير فوراً، إلا أن أحد أفراد الفريق الكشميري، دعاه إلى احتساء الشاي، فلبى دعوتنا، ثم قرّر أن يتركنا وشأننا بعد أن مررنا له بضع روبيات.
مؤسسة الدوحة للأفلام: ما أهمية تسليط الضوء على واقع كشمير في الوقت الحالي؟
نيكولاس بروكمان: إن الصراع في كشمير حظي بتغطية واهتمام متفاوتين على مدى 20 عاماً، ولا تزال القضية غير واضحة كلياً للعالم. فمن المعروف أن كشمير هي منطقة مزقتها الحرب بين الهند وباكستان، إلاّ أن التعقيدات التي رافقت الصراع، تجعل فهم قضيتها مستحيلاً.
مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هو تقييمك لمدى اتساع المجتمع الذي يتعاطى صناعة الأفلام في كشمير؟
موسى سيد:إن المجتمع السينمائي في كشمير محدود جداً، وذلك بسبب انعدام الاستقرار، الأمر الذي أثّر سلباً على عملية الإنتاج بشكل عام. يتجّه معظم المبدعون في هذا المجال إلى المسلسلات الدرامية الطويلة، وبعض الأفلام الوثائقية، فمن الصعب جداً منافسة بوليوود. ساعدتنا شركة إنتاج باسم “أسوشيتد ميديا” في “سريناجار“، بالاضافة إلى “مشتاق خان” المنتج المحلي الذي أعدّ لنا عدداً من تجارب الآداء.
مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف تمكنت من تأمين التمويل لفيلم “وادي القديسين“؟
نيكولا بروكمان: أبدى معظم الممولون خشيتهم من إنفاق مالهم على إنتاج عمل في منطقة صراعات، عدنا إلى جذورنا ونجحنا في تأمين التمويل اللازم من خلال مؤسسات راعية. وعلى الرغم من أن هذا الأمر حدّ من ميزانية الفيلم، إلاّ أنه أسهم في خلق مناخ إبداعي حرّ خلال تنفيذ العمل.
مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف تمكنتم من تأمين المساعدة التقنية؟
نيكولاس بروكمان: كنا على علم بأننا ملزمون بالعمل تحت الرقابة، ما يتطلب اختصار عدد فريق العمل، كنا تحديداً أربعة أشخاص. ثلاثة من أميركا (أنا وموسى والمصوّر يوني بروك)، ومدير الإنتاج المحلي (ألطف مهراج)، وهو شأنه شأن الممثلين، عديم الخبرة في مجال صناعة الأفلام. فهو كان محامياً شاباً عاطلاً عن العمل نتيجة إغلاق المحاكم بسبب حظر التجول وأعمال العنف المستمرة.
مؤسسة الدوحة للأفلام: هل تأمل أن يشاهد جمهور الهند وباكستان فيلم “وادي القديسين” في صالات السينما؟
موسى سيد: نعم، هذا الجمهور شاهد الكثير من الأمور المنسوجة حول تغطية أحداث كشمير، وآمل في أن أقدم له شيئاً مختلفاً من خلال هذا الفيلم. من المهم جداً أن يصل الفيلم إلى الجمهور الكشميري، الذي تميّز بمرونة عالية خلال مواجهة الصراع، وأتمنى أن يعكس الفيلم هذا الأمر، وأن يُعرض في المكان الذي صور فيه بالقرب من البحرية.
مؤسسة الدوحة للأفلام: من هم صناع الأفلام من كشمير الذين تدعو الجمهور إلى اكتشافهم؟
موسى سيد: هناك فيلم “زيروبريدج” الذي عرض للمرة الأولى في مهرجان البندقية قبل عدة سنوات وسلّط الضوء على الحياة العصرية في “سريناجار”. أخرجه طارق تابا وهو كشميري أميركي مثلي. شعرت من خلال ما شاهدته بأنه فتح الباب لرواية قصصٍ شخصية حول كشمير بنفحة سياسية.
وهناك بعض المخرجين الناشئين كـ“أرشد مشتاق” الذي أخرج فيلماً روائياً تاريخياً، وهناك “أخ دليل لوليش” وفيلمه (قصة حب) الذي نال إعجاب الجمهور المحلي.