المدوّنة

العودة الى القائمة

أهل السينما: لقاء مع تالا حديد

10 سبتمبر 2014

بعد عرضه العالمي الأول لأحدث أفلام تالا حديد “الإطار الضيق لمنتصف الليل” ضمن فعاليات مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، قابلنا المخرجة والممثل خالد عبد الله للحديث عن الفيلم وظروف صناعته.

مؤسسة الدوحة للأفلام: تالا، أنت مخرجة مغربية عراقية وُلدتِ ونشأتِ في المملكة المتحدة، وبطل الفيلم أيضًا عراقي مغربي ولد ونشأ في المملكة المتحدة، لذا نجد الكثير من التشابه بينك وبينه، ونجد أن الفيلم يركز على عدد من القضايا مثل القلق والمهجر والابتعاد عن الوطن وغيرها. ما هي أبرز الرسائل التي أردتِ توجيهها في هذا الفيلم؟

تالا حديد: برغم أن زكريا يواجه العديد من المواقف التي تدفعه للقلق في الفيلم، إلا أنني أرى أن انتماء الإنسان لأماكن مختلفة ليس بالعامل الذي يؤدي إلى شعور الإنسان بالقلق، فانتمائه للعديد من الأماكن (أو الأوطان) سيمنحه رؤية أكثر عمقًا وتنوعًا وانفتاح عقلي مطلوب وقدرة على تقبل أكثر الأشخاص اختلافًا وتنوعًا.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ركزت على مواقف تعرض فيها أبطال للفيلم لقضية الهجر، لماذا ركزت على هضه القضية بالذات ضمن أحداث الفيلم؟

خالد عبد الله – أعتقد أن الهجر ليست الكلمة الدقيقة لوصف ما يدور في الفيلم. صحيح أن عائشة تصبح يتيمة في الفيلم، وأن زكريا يهجر زوجته بعد أن يتخلى عنه أخوه، لكن الهجر ليس هو ما يحرّك الشخصيات، بل هو بداية تغيّر رؤيتهم للحياة ولا يسعى الفيلم إلى مجرد إثارة شفقة المشاهد نحوهم.

تالا حديد – الوحدة هي الخيط الذي يجمع الشخصيات وهو انعكاس على حال البشر اليوم.

خالد عبد الله – أكثر من جذبني في هذا الفيلم هو تركيزه على نقطة تعدد الهويات (وهو ما مر به أنا وتالا في الواقع)، خصوصًا إذا كان الغنسان يسعى لإخفاء إحدى هويّاته لشعوره بأنه يجب أن يكون عربيًا بالكامل أو غربيًا بالكامل بدون شوائب الهوية المضادة، وهو أمر نادرًا ما ركزت عليه الأفلام، وهو ما ستلمحه في بداية الفيلم حينما يُسأل الشخصيات عن أوطانهم وهوياتهم.

مؤسسة الدوحة للأفلام: إطار الفيلم معقد جدًا، خاصة أن الهوية ركن أساسي فيه، والمكان هو بطل أساسي أيضًا، ولا ننسى أبدًا هذه المشاهد الرائعة في بغداد أو اسطنبول، كما إن البناء الدرامي للفيلم أشبه برحلة اكتشاف الذات مع بعض الإثارة والتشويق. كيف وضعت الإطار الدرامي للفيلم؟

تالا حديد – صحيح أنني كنت أخطط للبناء الدرامي منذ البداية، إلا إنني تركت الشكل النهائي ليتشكّل وفقًا للشخصيات نفسها، وما يمرون به من أحداث لإضفاء المصداقية على تصرّفاتهم، وهو ما منحه هذا الطابع المعقد الذي تتحدث عنه. ولا أعتقد أن الفيلم مجرد رحلة ما يتخذها أبطال الفيلم، بالشكل التقليدي للكلمة، لأنك تتعرّف على شخصيات جديدة في أجزاء مختلفة من الفيلم ويؤثرون على القصة بشكل مباشر.

مؤسسة الدوحة للأفلام: إذًا، فإن البناء الدرامي للفيلم تلقائي إلى حد ما؟

تالا حديد – نعم، فالنص لا يركز على الشكل التقليدي للأفلام، أي أن البداية والوسط ستؤدي بك إلى النهاية، بل هو أعقد من ذلك.

مؤسسة الدوحة للأفلام: لم يكن المشاهد يتوقع نهاية الفيلم، لأن إطار الفيلم الدرامي لم يكن تقليديًا أبدًا…

تالا حديد – صحيح وهذا ما أردته. مؤخرًا كنت أركز على نظريات الخرائط، وأعتقد أن طريقة قراءة الإنسان للخرائط ومعرفته بأن هناك دائمًا خطوط غير مرئية وخطوط يمكن إعادة رسمها يوصله إلى يقين بأن النهايات لا يشترط أن يتم فرضها عليه أو إيصالها له كحقيقة لا تغيير فيها.

خالد عبد الله – هذا الفيلم ليس كسائر الأفلام التي تنكشف فيها بعض المفاجآت في النهاية، بل يريد أن يُشعر المشاهد بروعة السينما الحقيقة التي تترك لك مساحة من التفكير، وقد قرأت عدة مسوّدات للفيلم وأعجبت جدًا بالفارق الشاسع بين ما تخيلته عند قراءة النص وما تم تنفيذه على أرض الواقع أثناء تصوير الفيلم، وهذا ما أعجبني جدًا ولمسني شخصيًا، لأن النص ترك لي مساحة للتفكير، وكان أشبه بالخريطة.

مؤسسة الدوحة للأفلام: يبدو أنكما استمتعتما كثيرًا بصناعة هذا الفيلم.

تالا حديد: نعم، كانت تجربة رائعة ومرعبة في نفس الوقت، خصوصًا ما رغبتك في إيصال ما تريد من رسائل ومشاهد وأحاسيس. كان الأمر أشبه بالرغبة في التحليق، وتحقيق ما في مخيّلتي، وعندما رأيت النتيجة النهائية شعرت بأن حلمي قد تحقق.

مؤسسة الدوحة للأفلام: تالا، ما هي مشاريعك القادمة؟

تالا حديد: لديّ أكثر من مشروع في الوقت الحالي، أجدهما فيلم سيتم تصويره في جبال المغرب وهو حاليًا في مرحلة الكتابة، كما أنهيت فيلمًا وثائقيًا أتمنى أن يرى الفيلم النور قريبًا.

blog comments powered by Disqus

staging