المدوّنة

العودة الى القائمة

أهل السينما: فرانك روز (الجزء الثاني)

19 سبتمبر 2012

في الجزء الثاني والأخير من مقابلتنا مع فرانك روز الكاتب والمحاضر حول تأثير التكنولوجيا على عالم الترفيه، تحدث عن جايمس كامرون، كمصدر إلهام، ويخبرنا كيف يجب على صانعي الأفلام العرب الصاعدين الاستفادة من التقنية الرقمية إلى أقصى حد، كما يتنبأ كيف سيكون شكل السينما بعد 10 سنوات من الآن.

اقرأ الجزء الأول من مقابلتنا مع فرانك روز هنا.

مؤسسة الدوحة للأفلام: المخرج جايمس كامرون (أفاتار وتايتانيك) هو أحد مصادر معلومات كتابك الرئيسية. قلتَ إنه مصدر إلهامك. ما هي رسالته الأساسية؟
روز: أحد المشاهد الرئيسية في كتابي هي حين يقول لي إن أفضل طريقة لرواية قصة من الخيال العلمي هي جعلها تجربة كسيرية. المشاهد العادي يشاهد الفيلم وانتهى الأمر. لكن بالنسبة للمعجبين الأوفياء، يختلف الأمر، حيث يغرقون في هذه التجربة الرائعة. وهذا ما أراده كامرون من اللعبة التي يطوّرها مع شركة يوبيسوفت، والمقتبسة من فيلم أفاتار. لكن ولأسباب عديدة، يتعلق بعضها بأن شركة فوكس لم تتمكن من فهم ودعم المشروع، لم يتمكن من إنجازه. وقد انتهى الأمر بـ أفاتار: اللعبة كمعظم ألعاب فيديو هوليوود – مجرد تجربة مملة. لذا، في الحقيقة، فشل في تحقيق أحد أكبر طموحاته، وهو أن يبتكر لعبة فيديو تتخطى تجربة الفيلم وتأخذك إلى عالم آخر. لكن أنصح بأن نترقبه جميعاً. فأنا متأكد أنه لم ينته بعد من النضال لأجل تحقيق مشروعه.

مؤسسة الدوحة للأفلام: هل كتابك متوفر في الشرق الأوسط؟
روز: بإمكانك طلبه من هذا الموقع أو الصحيفة.

مؤسسة الدوحة للأفلام: أنت تقول أن هذه الموجة من الاعلام “العميق” الذي نشهده، يشجع المشاركة. وهذا ينطبق على السينما، ألا يعني ذلك أنه بإمكان أي أحد الدخول في هذا المجال؟ وألا يميّع ذلك الفن؟
روز: أظنه سوء فهم شائع- مما يجعلنا ندرك كم كل ذلك لا يزال في المرحلة التجريبية. إن معالم المشاركة والآليات التي تجعلها ممكنة الحدوث ما تزال في طور التطور. إذا نطرت إلى الأفلام أو البرامج التلفزيونية التي يتبعها كثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي، ستجدها أنها تلك التي تملك رؤيا قصصية قوية. معظم الناس لا يرغبون أن يتواجدوا دون هدف في العالم الافتراضي، خاصة بعد أن يعتادوا مشاهدة التقنية الحديثة المستخدمة في فيلم أو برنامج ما. إنهم يريدون متابعة قصة جيدة. يريدون متابعة شخصيات بشرية يستطيعون التآلف معها، كما يريدون رؤية هذه الشخصيات وهي تنتصر على الأعداء أو تثأر ممن مارس ظلماً، أو تجد الحب الحقيقي. هذه طبيعة جداً في البشر. لكن الناس يريدون أيضاً أن يغوصوا في تلك القصص، وأن يعيشوها كنوع من الموضة السائدة، والتكنولوجيا الرقمية تسمح لهم القيام بذلك، بأساليب جديدة. هذا هو نوع المشاركة التي يصبو إليها الجمهور. لا يريدون أن يختاروا النهايات بأنفسهم – بل يريدون المشاركة في قصة ترضيهم نهايتها.

مؤسسة الدوحة للأفلام: قيل أنك عرّاف بالمستقبل. كيف ترى شكل السينما بعد 10 سنوات؟
روز: لم أسمع شيئاً عن توصيفي بالعرّاف… لكن ما أظن أنه سيحدث هو التالي: لقد أعادت التكنولوجيا الرقمية ابتكار صناعة الأفلام- من المونتاج إلى التصوير وتحريك الرسوم. لقد دفعت صناعة الأفلام لتكون أقل كلفة وتعقيداً، لكنها أيضاً جعلتها من ناحية أخرى أكثر كلفة وتعقيداً في حال قررنا السير على خطى جايمس كامرون. لذا ما فعلته حقاً كان تفجير لائحة الاحتمالات. إنها تسهل صناعة الأفلام المستقلة ذات الميزانية المنخفضة، كما تسهل صناعة أفلام الرسوم المتحركة الضخمة. وككل تكنولوجيا، إنها سلاح ذو حدين- يمكن استخدامها لصنع أفلام سيئة، وأخرى جيدة. لكن الاحتمال الأكثر أهمية برأيي، هو طريقة حملك تخطي الحدود السينمائية، نحو أشكال جديدة من رواية القصص. أظن أن ذلك منوط بتكاثر الأجهزة. الناس يتحدثون عن نقطة الالتقاء، لكن من وجهة نظر الجهاز، لا تلاقِ. المستقبل ليس سكيناً سويسرياً – إنه ليس عبارة عن أجهزة مختصة كثيرة، تختلف وفقاً الزمان والمكان… نقطة الالتقاء تحدث في المضمون. عاجلاً أم آجلاً، ستتمكن هذه الأجهزة من الولوج إلى المحتوى ذاته، أو أقله إلى عناصر مختلفة للمحتوى ذاته. لم نحقق ذلك بعد، لأن الوسائل الاعلامية مصممة على أساس محدد… في الوقت ذاته، تكاثر هذه الأجهزة وطبيعة الشبكة هما وراء النزوع نحو تجارب الاعلام العميق، أو الترانس ميديا أو مهما كانت تسميتها. نحن ما زلنا نعتاد على فكرة أنه بإمكاننا متابعة قصة من جهاز إلى آخر، وأنه بإمكاننا أن نتفاعل مع القصة ومع بعضنا البعض، وأن بإمكاننا أن نعيش القصة بطرق مختلفة، وأن نتعمق في هذه التجربة.

ما سيحصل خلال العشر سنوات القادمة يحدد كيف سيكون شكل هذه التجربة. الأمر يتعلق بجعل الحدود ما بين الكاتب والجمهور، وبين القصة واللعبة، وإلى حد ما ما بين الواقع والخيال، غير واضحة. ولا يتعلق الأمر بالضرورة بالجلوس في السينما أو مقابل التلفزيون- قد يحدث الأمر كذلك على هاتف ذكي، قادر على تحديد موقعك.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي نصيحتك لصناع الأفلام البارزين والصاعدين في المنطقة العربية؟
روز: لا تنسوا القصة. من السهل أن تجرفنا التكنولوجيا الحديثة والطرق الجديدة في إشراك الجمهور، لكن ما لم تملكوا قصة جيدة لإخبارها، لن يعني ما تفعلونه الشيء الكثير. التقنية مهمة، والرقمية تقدم احتمالات كثيرة أمام التقنية الجديدة – لكن القصة الجيدة تتخطى التقنية كل مرة. وليس هناك، بالتأكيد، نهاية للقصص القوية والمهمة في العالم العربي.

blog comments powered by Disqus

staging