المدوّنة

العودة الى القائمة

أفلام الدقيقة الواحدة: الجيل الجديد القادم

25 يوليو 2011

بقلم بن روبنسون، مدرّب بمؤسسة الدوحة للأفلام

هذا العام، أقدم فريقا التعليم والتواصل الاجتماعي بمؤسسة الدوحة للأفلام على أخذ ورشات أفلام الدقيقة الواحدة إلى الجامعات للمرة الأولى، وعملا بشكل وثيق مع كل من جامعة قطر و“كلية المجتمع في قطر”:http://www.sec.gov.qa/CCQ/، بهدف رفع مستوى الجاذبية ما بين مبادرات مؤسسة الدوحة للأفلام السينمائية والنظام التعليمي في قطر.

بدأنا بتنظيم ورشات أفلام الدقيقة الواحدة على مدار فصل دراسي كامل، وكان ذلك في شهر فبراير حيث باشرنا بورشات التدريب على الكتابة السينمائية، وانتهينا في شهر مايو بتصوير أفلام الطلاب وجلسات المونتاج. ولقد أتاح لنا العمل مع الطلاب على مدى تلك الشهور الوصول إلى مستوى أعمق من الابداع، لا سيما أن مدة ورشات أفلام الدقيقة الواحدة التي تنظمها مؤسسة الدوحة للأفلام، عادةً ما لا تتجاوز سبعة أيام.

ولكسر الجليد، بدأنا بممارسة بعض الألعاب وتمارين رواية القصص، مما ساعد الطلاب على التخلص من أي خجل قد يكون قابعاً في داخلهم. كما تطور مفهوم العمل الجماعي لدى الطلاب، مما جعلهم يدركون أن العمل السينمائي في الحقيقة مجال ممتع! (قليلاً ما كانوا يدركون كمية العمل الشاق والسرعة المطلوبة في ابتكار حلول للمشاكل الطارئة، التي تتطلبها الصناعة السينمائية، لو أرادوا أن يكونوا صناع أفلام ناجحين فيما بعد!).

في جامعة قطر، عملنا جاستين كرامر وأنا كمدربيْن من مؤسسة الدوحة للأفلام مع 16 فتاةً لمدة شهور أربعة. وقد بذلت جميع الفتيات مجهوداً كبيراً للتعلم، كما قدمت لنا إحدى موظفات الجامعة، الرائعة أليسون يونغ، الدعم الكبير خلال هذه الفترة. في الوقت ذاته، كنا ننظم أنا ولورين ميخائيل من مؤسسة الدوحة للأفلام حصصاً تعليمية مع الذكور بكلية المجتمع في قطر: وهم مجموعة رائعة من الشباب الذين يملكون حساً فكاهياً مذهلاً وقصصاً كثيرةً يروونها.

وبعد أسابيع من التدريبات المكثفة والانكباب على تحليل العوامل التي يمكن أن تنتج قصةً فعالة، وكيف ندفع بالجمهور للتعلق والاهتمام بمصير شخصيات خيالية، حان الوقت لأن يبدأ الطلاب بكتابة نص سينمائي. منذ عصور غابرة، وتحديداً الزمن الذي عاش فيه الفيلسوف اليوناني أرسطو (الذي كان أول من وضع مبادئ رواية القصة ما بين 335 و323 ق. م)، لطالما استخدم البشر صيغة البنية الثلاثية في الكتابة وهي *المقدمة، الحبكة والخاتمة*، ولم يختلف الأمر في ورشات أفلام الدقيقة الواحدة. فتحديد هذه البنيات الثلاث كفيل بأن يساعد صانع الأفلام على رواية قصة مثيرة للاعجاب. في القسم الأول- أي البداية- نبدأ بتقديم الشخصية والتعريف عنه وعن العالم الذي يعيش فيه. في القصم الثاني – أي الحبكة- نبتكر مشكلة أو عقبة ما أمام الشخصية كي تحاول تخطيها. وفي القسم الثالث والأخير – أي الخاتمة- نحلّ المشكلة. بالطبع لا تخرج شخصيتنا الرئيسية منتصرة دائماً، لكننا بحاجة لأن نصنع لها ولجمهورنا نهاية مرضية.

من جامعة قطر، برزت الطالبة نقاء العزاوي، التي كتبت وأخرجت فيلم “أقلام رصاص”. فهي منذ البداية بادرت بنشاط وقدّمت نصاً لفيلم من تأليفها قبل الأخريات، وبقيت متابعةً للموضوع من خلال رسائل إلكترونية عديدة تبادلتها معي (تماماً كأي منتج أفلام ناجح، آمنت بجودة المنتج الذي قدمته، وحرصت على أن ندرك هذه الحقيقة!). ولأسابيع عدة، خضنا في عملية التدقيق في النصوص وإعادة كتابتها، حيث دفعتها لصقل وتعزيز قصتها. وحين انتهت من صقلها، انتقلت إلى مرحلة ما قبل الانتاج التي استمرت أسبوعاً كاملاً، تضمن العثور على قاعة مدرسية مناسبة للتصوير (أوجه شكراً كبيراً لـ“مدرسة عثمان بن عفان الابتدائية المستقلة”:http://www.english.education.gov.qa/content/schools/detail/6565. ثم عمدت إلى اختيار فريق عملها.

لحسن حظ نقاء، فإن أخويْها محمد وزيد، هما أبرع ممثليْن صغيريْن في قطر، فبدءا التدرب على دوريْهما بالتزام كامل. وقفت على الكاميرا كل من ريم طلال وحنان محمد من جامعة قطر، وهما أثبتتا كذلك موهبتهما التقنية. وسار التصوير بشكل جيد، وكان الجميع راضياً على النتيجة. وقد كان هذا أول فيلم يتم تصويره بكاميرا كانون 5D MK 2، التي يحبها الجميع في مؤسسة الدوحة للأفلام، لكن يخشون أن يكون استخدامها معقداً بالنسبة للطلاب الذين يخوضون تجربتهم السينمائية الأولى. لكنني وجدت العكس صحيحاً: فهذه الكاميرا بديهية إلى درجة كبيرة، وباستطاعتي ربما أن أعلم أي أحد كيفية استخدامها في ثلاثين دقيقة! والنتيجة هي أن كل ما تصوره بهذه الكاميرا يبدو مباشرةً بطابع سينمائي، ويعود الفضل جزئياً لحجم رقاقة المعالج الخاص بها وعدسات كانون التي تعطي درجة الحدة للصورة

وفي كلية المجتمع في قطر، قدّم الشباب مجموعة من نصوص كتبوها لأفلام من دقيقة واحدة، لكننا لورين وأنا لم نقدر إلا أن نقع فريسة الضحك، بعد أن وصلنا إلى نص الطالب الذي يتمتع بطبيعة فكاهية يوسف أحمد صبري: وربما من أكثر الشخصيات التي قابلتها في حياتي فكاهةً. كان قد كتب نصه بعنوان ‘رعب الملوخية’ بعد أن اقترحت عليه لورين أن يكتب شيئاً حول أكلة الملوخية. غير أن رؤية يوسف لم تتغير منذ أن قدم فكرته، وحين كتب نصّه ثم صوّره: رجل واحد، أكلة واحدة، رعب واحد. بسيط، مضحك وممتع. وقد تولى مهمة الاخراج عبدالله العلي، وهو أيضاً سينمائي بطبيعته. أنتظر بفارغ الصبر سماع ردود أفعال الناس تجاه فيلمهما، وأنا متحمس جداً لرؤية ما سيفعلانه لاحقاً. باستطاعة يوسف أن يصبح نجماً كوميدياً بامتياز في قطر – إنه من النوع الذي يدخل إلى مكان ما ويجعل الجميع يغرقون في الضحك بعد ثلاثين ثانية من وصوله.

لذا، من دواعي سرورنا أن نقدم لكم هذيْن الفيلميْن، وباستطاعتكم مشاهدتهما على موقعنا الرسمي (www.dohafilminstitute.com) في غضون يوميْن. نأمل أن تستمتعوا بالمشاهدة، كما استمتعنا نحن أثناء عملنا عليها.

إذا كنتم تقيمون في قطر وترغبون بتجربة الصناعة السينمائية، راسلونا على البريد:
Education@dohafilminstitute.com فسنعود إليكم وندعوكم للمجيء لتنطلقوا في مسيرتكم السينمائية!

blog comments powered by Disqus

staging