المدوّنة

العودة الى القائمة

مؤسسة الدوحة للأفلام في زنجبار

09 سبتمبر 2010 — البرامج التعليمية

بعد التجربة التي خاضتها نيام عيطاني وفاطمة نايب لدى اختيارهما لحضور مختبر “مايشا” 2010 لكتابة السيناريو في زنجبار، وبمناسبة اقتراب موعد مختبر “مايشا” للأفلام الوثائقية 2010 المزمع عقده في أوغندة، حدثتنا المرشحتان عن زيارتهما لزنجبار، وكانت هذه تجربتهما كما وصفتاها لنا بكلماتهما الخاصة:

عندما تلقينا رسالة إلكترونية من مختبر “مايشا” لكتابة السيناريو جاء فيها: “تهانينا، لقد تم اختياركم..” لم نستطع تصديق أعيننا.

بعد شهر واحد فقط، كان قاربٌ أزرق ينزلق بهدوء على سطح المحيط الهندي، والشمس قد غابت لتوها، وشعاع من الشفق الأحمر يتسلل بهدوء عبر الأفق ويسقط على جزيرة بعيدة ليجعلها تبدو كمخلوق أسطوري بديع. ألحان الموسيقى العربية لعبت دورها أيضاً في جعل المشهد أكثر جمالاً، وهو ما أكد لنا أننا لم نكن نحلم.

كلانا لم يذهب إلى أفريقيا من قبل، فأبعد بلد وصلت إليه أسفارنا كان مصر، وعلى الرغم من موقعها الجغرافي، إلا أن مصر لا يمكن اعتبارها جزءاً من أفريقيا من حيث جوهرها، أما هنا في زنجبار، قبالة سواحل تنزانيا، فكل ثانية تمر عليك تذكرك فعلاً بأنك في أفريقيا.
كان جدول نشاطاتنا محدد مسبقاً لكل يوم؛ تقدم وجبة الإفطار بين السابعة والنصف و العاشرة صباحاً، واستراحة الشاي في العاشرة والنصف، والغداء في الواحدة ظهراً، ومن ثم استراحة الشاي مجدداً في الثالثة والنصف مساءً، وأخيراً يقدم العشاء في السابعة مساءً. يبدأ اليوم بسرعة في التاسعة صباحاً إما بحضور أحد دروس البرنامج، أو بلقاء أحد المدربين في اجتماعات فردية مع الطلاب كل على حدة، وبحلول التاسعة مساءً، نستعد للخلود إلى النوم لتبدأ الدائرة بالدوران مجدداً في اليوم التالي.

في أول يومٍ لنا هناك، عملنا منذ الصباح وحتى المساء مع ليونارد وهو أحد مدربينا، وقرأنا السيناريو الذي قدمناه له ثم تبادلنا آراءنا حوله. من الجميل دائماً أن يُقرأ السيناريو الذي كتبته بصوت عالٍ أمامك، لأن ذلك يمكنك بسهولة من اكتشاف مواضع القوة والضعف فيه، ويساعدك على تصور النص في ذهنك بشكل أكثر وضوحاً، كما يمكنك من تحديد الأجزاء التي يتوجب العمل عليها، وما الذي ينبغي إضافته، وما الذي يفضل حذفه. بالإضافة إلى ذلك، درسنا بعض أساسيات كتابة السيناريو وتحديداً هيكلية النص وعناصر التشويق، وشاهدنا بعض الأفلام القصيرة، ثم مررنا ببعض التمارين عن الحبكة الدرامية والصراع.

ومع نهاية اليوم الثاني من ورشة العمل تكونت لدينا ولدى بقية المشاركين فكرة أفضل عن فن كتابة السيناريو، وتطورت قدرتنا على الدخول في النقاشات بعمق أكثر. ثم بدأنا خلال فترة ما بعد الظهر العمل على الشخصيات، وشرعنا في تعلم المزيد عن منحنى الشخصية، ومكونات سيرتها الذاتية، إذ من المهم أن نتعلم لماذا تتصرف كل شخصية بالطريقة التي تتصرف بها، وتتلكم بالطريقة التي تتكلم بها.

بدأنا الاستعداد في عطلة نهاية الأسبوع لاجتماعاتنا الفردية مع مدربينا كاجيتان وليونارد، وأمضينا يومي العطلة في كتابة المسودات الأخيرة للسيناريوهات ووضع اللمسات الأخيرة عليها. كان مدربانا سعيدين للغاية لدى رؤيتهما للطريقة التي تطورت بها نصوصنا بين أول مسودة وآخر مسودة (أو ربما قبل الأخيرة). وعلى الرغم من أن الجو كان يبعث قليلاً على التوتر، إلا أن عملية استعراض النصوص كانت رائعة. لقد أعجب مدربانا فعلاً بمستوى تطورنا وكانا سعيدين للغاية بما قرآه.

بعد الاجتماع، كان هناك المزيد من العمل للقيام به، فالنصوص تبقى دائماً قابلة للتطوير والتحسين، وفي كل مرة كنا ننظر فيها إلى النص كنا نقول لأنفسنا: “هذا هو، لن أغير فيه أي شيء“، ولكن لم تكن هذه هي الحال أبداً، وقد ينتهي بنا الأمر في نهاية المطاف إلى إعادة كتابة النص كله من جديد.

في اليوم الأخير بدأنا قراءة المسودات النهائية بصوت عال وللمرة الأخيرة. ثم قمنا الواحد تلو الآخر باختيار نص من النصوص لقراءتها أمام الجميع بعد أن نعيّن واحداً منا ليكون المخرج. وعندما وصل الأمر إلى قراءة نصنا، كان علينا الجلوس جانباً والاسترخاء والاستماع بهدوء. كنا جالسين جميعاً هناك وشعورٌ جميل بالفخر يغمرنا لما تمكنا من تحقيقه خلال الأسبوع المنصرم. بعد ذلك، قدم لنا مدير البرنامج “مساريت“، ومدربانا ليونارد وكاجيتان، آخر ملاحظاتهم حول النصوص. لقد كان شعورنا رائعاً عندما استمعنا إلى رأيهم في السيناريوهات التي كتبناها. وبعد استراحة الشاي الأخيرة لنا، حان الوقت أخيراً للإعلان عن الفائز بجائزة الألفي دولار التي ستحول نصوصنا التي كتبناها إلى أفلام.

أعلن “مساريت” أنه ستكون هناك جائزتان هذا العام، الأولى مخصصة للمشاركين من مؤسسة الدوحة للأفلام، والثانية مخصصة لبقية المشاركين. ومع ذلك، وبكل صدق، فقد شعرنا جميعاً بأننا فائزون فعلاً فقط لمجرد كوننا هناك، ولمجرد خوضنا لتلك التجربة. وبعد أن تم الإعلان عن الجوائز، تحدث مدربانا بكل جدية لتذكيرنا بأننا لا نحتاج إذناً من أي أحد إذا أردنا أن نصنع فيلماً، وبأننا يجب أن نكتب ونكتب، ونطرق كل الأبواب التي قد تساعدنا يوماً على تحقيق أحلامنا وصناعة الأفلام التي نريد صنعها.

آسانتي (أي شكراً) لكما “مايشا“، ومؤسسة الدوحة للأفلام، على هذه الفرصة الرائعة التي قدمتماها لنا لكي نصبح جزءاً من عائلتكما. إنها حقاً تجربة سوف نتذكرها ونقدرها طالما حيينا،

إليكم هواة كتابة السيناريو وصناعة الأفلام في كل مكان،، عليكم القيام بذلك!!
مع التحية،

نيام عيطاني و فاطمة نايب

blog comments powered by Disqus

staging