المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: المتمرّدة

01 أبريل 2012

بقلم جاد سلفيتي، صحافي فيديو، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: المتمرّدة
إخراج: محمود ذو الفقار
بطولة: صباح، أحمد مظهر
مدة العرض: 100 دقيقة

فيلم المتمرّدة الذي أخرجه محمود ذو الفقار عام 1963 هو كوميديا رومانسية خفيفة الظل، تدور أحداثها في مصر في حقبة الستينات. يروي الفيلم قصة سوسن نشأت (تلعب دورها الممثلة والمطربة اللبنانية صباح)، ابنة مليونير يملك شركة أقمشة ضخمة، تنتج الأقمشة الفخمة والملابس الفاخرة.

نرى في المشهد الافتتاحي سوسن تقود سيارتها الرياضية بسرعة في شوارع القاهرة، متجهةً نحو شركة والدها، كما تشدّد المشاهد الأولى على أسلوب حياتها الباذخ – سيارات فخمة، حفلات، فساتين فاخرة. سوسن هي قرّة عين والدها – فقد ولدت وفي فمها أكثر من معلقة فضية واحدة، إنما طقماً فضياً كاملاً. نعلم لاحقاً أن والدتها توفيت وهي طفلة، تاركةً إياها لأبٍ لا يعرف سوى تدليلها. وفي شركة والدها يعمل رسّام موهوب اسمه سامي، وهو الذي يصمم ويرسم كل نقشات الأقمشة. غير أن سامي يشعر بالاحباط، ويحلم أن تُعرض أعماله كي يراها كل الناس. وبينما هو غارق في عمله المخيّب لآماله، يقدم له زميله نصيحةً، فيقول له إنه فيما تقبع اللوحات معلقةً على جدران المنازل دون أن ينتبه لها أحد، فإن تصاميمه تزيّن أجساد ملايين النساء. بالطبع، سامي غير قادر على تحقيق حلمه لأن عليه الاعتناء بوالدته المريضة والقابعة في السرير.

لكن عمل سامي يعجب سوسن، فتذهب إلى مشغله حيث يقع في غرامها بجنون من النظرة الأولى. لاحقاً نكتشف أن شقته مليئة بلوحات لسوسن، وكأنها مزار يتعبّدها فيها. ويتضح من خلال ذلك قصد المخرج الذي أراد القول إن سوسن تعيش في عالم الأحلام يتجانس في اللوحات التي تجسّدها: جميلة، بلهاء وسطحية. في إحدى اللوحات، كان سامي قد رسم سوسن على شاكلة كليوباترا، ملكة الفراعنة: وهو ما يعتبر تصويراً مناسباً للوريثة: متجبّرة، متطلبة وأنانية. محبوبته تلك لا تأبه بالمعجب الذي تيّمه الحب، فتختذله إلى مجرّد أداة لتلبية نزواتها ورغباتها.

وتحديداً كما يلائم امرأةً مثلها غارقةً في حياة البذخ، تلتقي سوسن بالممثل المسرحي المشهور كامل وتقع في غرامه. تنشأ بينهما علاقة غرامية سطحية، يستغلها فيها كامل لأجل الثروة الضخمة التي سترثها من والدها. فيقوم بالتخطيط للزواج منها وطلاقها بعد ثلاثة أشهر. فكامل ينوي أن يتابع مشاريعه الخاصة بواسطة هذا المال. تعم الفوضى عالم سوسن بعد وفاة والدها الفجائية، تاركاً لها رسالةً مسجلة. وفيها يعبّر بأن أمنيته الأخيرة هي أن تجد سعادتها في زوج يحبها ويهتم بها كما كان هو يفعل. تتابع سوسن علاقتها بكامل، وتقرر فجأة أن تختبر حبّه لترى ما إذا كان حبيباً شهماً يغار عليها. فتعمد إلى إثارة حفيظته، حيث تعرض على سامي أن تدفع له مبلغاً من المال لقاء لعبه دور عشيقها أمام كامل في حفل عشاء نظمته لهذه الغاية. لكن هل بوسع سوسن أن تشتري شهامته، أو أن القدر يخبئ أمراً آخر للأبطال؟

وككل أفلام السينما المصرية في تلك الحقبة، ما زال هذا الفيلم يحتفظ بزخمه. إنه فيلم يتضمن الكثير من المواقف المضحكة التي درجت في ذلك الزمن. ففي الخمسينات والستينات، برزت موجة جديدة من المخرجين المصريين الذين تلقوا علوماً غربية، فجمعوا ما بين التقنية الغربية والقصص العربية. أما إخراجه وأسلوبه فهما دقيقان، وأزياء الممثلين رائعة، فيما التصوير منفّذ بطريقة لا بد وأنها ستعجب الجميع.

blog comments powered by Disqus

staging