المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: اللص والكلاب

08 أبريل 2012

بقلم ريم صالح، الاعلام الجديد، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: اللص والكلاب
إخراج: كمال الشيخ
بطولة: شكري سرحان، كمال الشناوي
العام: 1962

فيلم “اللص والكلاب” مقتبس من رواية الأديب المصري الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ. وكما في كل رواياته، يعالج قصة اجتماعية صارخة مقتبسة أيضاً عن أحداث واقعية. بُعيْدَ صدوره عام 1962، حاز هذا الفيلم الكلاسيكي المصري على جوائز عدة، منها جائزة أفضل مخرج لكمال الشيخ، وأفضل ممثل لشكري سرحان، ومثّل مصر في مهرجان برلين السينمائي في نفس العام.

ويروي هذا الفيلم قصة سعيد (شكري سرحان)، الذي يضطر إلى أن يصبح لصاً بسبب الظروف المادية الصعبة. يشجعه على ذلك طالب فقير يعيش في مهجع الجامعة التي يعمل فيه. الطالب رؤوف علوان (كمال الشناوي) يقدم الحماية لسعيد بعد أن يقدم للمرة الأولى على سرقة ساعة. وبدلاً من تشجيعه على العدول عن هذا الطريق، يقنع سعيد بأن السرقة من الأغنياء لتغطية الاحتياجات اليومية، أمر مبرّر. بعد ذلك يصبح قائد عصابة سرقة من الميسورين، لأنه وبحسب قوله “كان لدي هدف واحد أن أحصل على حصتي التي اغتصبها الأغنياء. إني أخفف عليهم عبء المال الذي يملكونه والخطايا.”

لسوء الحظ، يتآمر يده اليمنى عليش ضده، بالتعاون مع زوجة سعيد. يصنعون له فخاً خلال عملية سرقة، ويحكم عليه بالسجن 5 سنوات. بعد ذلك تطلب زوجته الطلاق وتستبدله بعليش. يخسر سعيد كل شيء، وابنته أيضاً.

الشخص الوحيد الذي يسأل عنه هو نور (شاديا)، فتاة ليل تعمل في حانة. إنها تكن الكثير من الحب والحنان تجاه سعيد، وسينتهي بها المطاف إلى أن تصبح من أحد الأشخاص القلائل الذين يستطيع الوثوق بهم والاعتماد عليهم. وبفضل سلوكه الحسن في السجن يتم إطلاق سراحه مبكراً. وهو يشعر الآن برغبة حارقة للانتقام. إنه يرى العالم وكأنه عدوه ولا يثق بأحد. هناك عنصران يقودان سعيد إلى التصرف بهذه الطريقة، وفي النهاية يؤديان به إلى نهايته.

العنصر الأول هو الطالب المثقف رؤوف علوان الذي شجعه على معاداة الطبقة المصرية الغنية منذ البداية. بعد مضي أعوام، يصبح فرداً من هذه الطبقة، يعمل كصحافي في جريدة مشهورة. أما العنصر الثاني فهو الخيانة التي تعرض لها من قبل زوجته وصديقه. يرفض الاثنان إعطاءه حقه من المال، لأنهما يريدان تسوية هذه الأمور في المحكمة، ومن بين هذه الأمور، حضانة ابنته.

غير أن اليأس الذي يشعر به سعيد، تقابله عناية نور به. تقبل المخاطرة بحياتها وتقدم له بيتها ليختبئ فيه. إنهما وحيدان لا يمتلكان سوى بعضهما البعض، وكلاهما يواجهان احتقار المجتمع لهما.

فيلم “اللص والكلاب” يصوّر هذا التضارب في أساليب حياة الطبقات الاجتماعية، من الثراء الفاحش والحياة الباذخة إلى الفقر المدقع. أما الحقبة التي تدور فيه أحداث الفيلم، أي في الستينات، وصعود التيار الناصري، فهي تدل على القلق الذي كان يشعر به المثقفين والفنانين والسياسيين في ذلك الزمان تجاه الفقراء. البطل هو سارق وقاتل، لكن وفي سياق الفيلم، نشعر بالتعاطف معه ونجد له تبريرات لتصرفاته.

إنه فيلم رائع يدفع المشاهدين إلى التفكّر. أما شاديا التي عرفت بلعبها أدواراً أكثر براءة، تخرج عن صورتها النمطية، لتلعب دوراً أكثر واقعيةً، لامرأة جريئة، هي أيضاً ضحية ظروف الحياة القاسية.

للترجمة العربية اضغط على

Clip from the film 'Chased by the Dogs'

مقطع من فيلم "اللص والكلاب"

blog comments powered by Disqus

staging