المدوّنة

العودة الى القائمة

رحلة إلى جنين

05 سبتمبر 2010

بعد ليلتين من مقابلة المخرج والممثلين الرئيسيين لـ “بيسورو“، فيلم الحركة البرازيلي حول كابويرا، تركت وطاقم التصوير مقر برلينايل لمقابلة رجلين يقودان جهوداً لإعادة بناء السينما في بلدة جنين بالضفة الغربية.

تم التخطيط والإعداد للحدث كمناسبة لجمع التبرعات في تشامليون، وهو مسرح في احد أحياء برلين الراقية، لتخرج مناسبة تجمع عالمي التبرعات والسينما معاً. عندما وصلنا إلى المكان قابلنا جوليا باشا مخرجة فيلم بدرس، الذي يروي سيرة الفلسطيني الذي وحّد حركتي فتح وحماس والإسرائيليين في حركة واحدة غير مسلحة من اجل إنقاذ قريته من الدمار. جوليا كانت واحدة من المخرجين والممثلين المشاركين بالمناسبة.

ماركوس ويتر، مخرج ومؤسس مشروع سينما جنين، إلى جانب فخري حمد مدير المشروع رحبا بالحضور من مختلف مشاربهم والداعمين بسخاء وتحدثا عن أهمية إعادة إعمار السينما التي أغلقت منذ الإنتفاضة الأولى في 1987 في جنين حارمة بذلك أكثر من 50 ألف نسمة في القرية من ارتياد السينما.

أطلق هذا المشروع إثر وقوع حادثة مؤلمة ومذهلة. اسماعيل خطيب – مواليد 1965 في مخيم جنين للاجئين – فقد ابنه أحمد برصاصة جندي اسرائيلي عندما اعتقد الأخير بأن البندقية البلاستيكية اللعبة التي كان يحملها أحمد هي حقيقية بالفعل. استقطب قرار اسماعيل بالتبرع بأعضاء ابنه لمرضى عرب ويهود اهتمام وسائل الإعلام بشكل كبير وتم توثيق ذلك في فيلم ماركوس “قلب من جنين”.

للترجمة العربية اضغط على

وعندما أراد ماركوس عرض فيلمه “قلب من جنين” في جنين، أدرك الجميع عدم توفر مكان لذلك، ومن هنا ولد مشروع سينما جنين.

منذ الهجوم الإسرائيلي على غزة في ديسمبر 2008، والذي خلف وراءه القطاع الصغير مدمراً بالكامل، كانت القصص التي تخرج من داخل غزة نادرة جداً، بينما كانت الملايين متسمرة أمام الشاشات للإطلاع على بعض القصص التي تنفذ من القطاع عبر الحدود المحاصرة.

وفي محاولة للحد من انتشار الاخبار والقصص من غزة، منعت اسرائيل الصحفيين من دخول القطاع وتغطية الحرب. استفز هذا القرار فضول العالم وأثار شغفه للقصص، ومنح صانعي الأفلام منصة لتقديم الأفلام ومشاركة عرض القصص مع العالم على الشاشة الفضية.

يتوقف الأمر الآن على نجاح ماركوس وفخري. نجاحهما في إعادة بناء السينما سيوفر للمخرجين مكاناً جديداً لعرض أفلامهم في فلسطين.

يعتمد الرجلان في جهودهما على منظمة “سينما جنين إي في” ، وهي جمعية أهلية غير ربحية مقرها في ألمانيا وتضم صانعي أفلام ومحامين ثقافيين ومستثمرين وتعمل على ترويج ثقافة السينما والتنمية المستدامة والفهم الثقافي في العالم. إلى جانب المنظمة، يحتشد عشرات المتطوعين من ألمانيا للسفر إلى جنين (على نفقتهم الخاصة) لتقديم المساعدة والمساهمة في تلك الجهود.

بالرغم من قلة التمويل والموارد وفرض القيود على الحركة، استطاع المخرجون الفلسطينيون من إعادة جذب الإهتمام إلى السينما الفلسطينية. ويمكن القول أن العمل على بناء مجتمع ناشىء شغوف بالسينما قد بدأ فعلياً في الأراضي الفلسطينية.

وفي حين تعتبر مشاركة الأفلام الفلسطينية في دورات المهرجانات السينمائية علامة واعدة للسينما في فلسطين (الوقت الذي يبقى، المر والرمان، أمريكا، عجمي)، لا يتوفر لأكثر من 2.5 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية إلا دار سينما واحدة، وهي سينما القصبة في رام الله بالضفة الغربية، بينما لا يوجد في غزة أي سينما على الإطلاق.

على الرغم من مواجهته للكثير من العوائق وحاجته لمزيد من العمل والتألق، أطلق مهرجان السينما الأول في غزة في ديسمبر 2009. وعلى عكس المهرجانات السينمائية الأخرى التي تحظى بالتنظيم وقص الشرائط والمواد العديدة اللازمة لإقامة الحدث، استخدم منظمو المهرجان في غزة الأنفاق التي تربط غزة بمصر لتهريب المواد اللازمة إليه.

إيلي سليمان، صانع الأفلام الفلسطيني الأكثر شهرة، يرى في صناعة الأفلام شكلاً من أشكال المقاومة. يقول سليمان في مقابلة أجريت معه مؤخراً “المقاومة الآن ليست كما كانت عليه في الستينات، وإذا كنا نريد استخدام هذا المصطلح لقضية وطنية فحسب ، فأعتقد بأن كل نقوم به هو إحياء شعارات الستينات فقط”.

بالنسبة لماركوس وفخري، بناء السينما هو شكل من بناء السلام. وبالمناسبة، فقد تم إجراء مزاد علني على مقاعد السينما التي يتم بناؤها الآن في جنين، وقد استطاع المنظمون جمع آلاف اليورو التي ستذهب لدعم بناء وتشغيل السينما.

blog comments powered by Disqus

staging