أهل السينما: كاساندرا سكافا
03 أبريل 2011

كاساندرا سكافا هي خريجة جامعة نيويورك، ماجستير دراسات سينمائية. وبينما كانت كاساندرا تتابع دراستها بجامعة نيويورك، لفتتها كمية الأفلام التي تدور حول التحديات التي تواجهها المرأة في كل مكان، وألهمتها قوة النساء في سعيهن لتأمين مستقبل أفضل. تعتقد كاساندرا بشدة أن المرأة هي مفتاح التغيير الاجتماعي، وتأمل أن تتمكن عبر السينما من تأمين الدفع اللازم للتطور الحاصل حتى الآن. كاساندرا هي أيضاً حاصلة على باكالوريوس في وسائل المرئية والمسموعة، بالاضافة إلى بكالوريوس في اللغة الاسبانية من جامعة فلاغلر في سانت أوغوستين بولاية فلوريدا، وهي تهوى لعب الفريزبي (الصحن الطائر). تقيم حالياً في نيويورك.
مؤسسة الدوحة للأفلام: ما اسمكِ، ومن أين أنتِ؟
كاساندرا: اسمي كاساندرا سكافا. ولدت في حي البرونكس في نيويورك، وقضيت القسم الأول من طفولتي في ماونت كيسكو في نيويورك، قبل أن انتقل إلى فلوريدا. ثم عدت إلى نيويورك منذ أربع سنوات.
مؤسسة الدوحة للأفلام: أين تعملين حالياً، وما هو منصبك في العمل؟ أخبرينا باختصار عن عملك
كاساندرا: أعمل حالياً مديرة العمليات بمهرجان منظمة “صوت المرأة الآن“، وهي منظمة غير ربحية تأسست عام 2010. تم استدعائي للمساعدة في إدارة نشاطات المنظمة غير الربحية، لا سيما مشروعها الأول: مهرجان الأفلام القصيرة: “صوت المرأة من العالم الاسلامي”.
مؤسسة الدوحة للأفلام: منذ متى تعملين في هذا المجال، وكيف دخلتي إليه؟
كاساندرا: لطالما كانت لي علاقة بعالم السينما والتلفزيون، منذ صف الانتاج التلفزيوني الأول لي حين كنت في الأول إعدادي. لدي شغف بكل ما يخص هذا المجال، ابتداءً من الانتاج، وصولاً إلى ما أحب أن أسميه التذوق. التذوق هو تعبير بدأت أستخدمه لوصف مجال تأمين الأفلام والانتاج التلفزيوني إلى الجمهور. حين كنت أتابع دراستي الجامعية، عملت في دار سينما وفي محل لتأجير الأفلام، وكنت أفتخر كثيراً بكوني قادرة على أن أوصي بالأفلام للزبائن.
وقد قادني اهتمامي بالجماليات، وعلم النفس وتاريخ السينما إلى برنامج الماجستير في الدراسات السينمائية بجامعة نيويورك. وفي الفصل الأخير لي بالجامعة، اخترت مادة تدعى تقاليد الأفلام الوثائقية مع مخرج الأفلام الوثائقية جوروج ستوني (الذي كان يبلغ السابعة التسعين من عمره على ما اعتقد!). ولقد فتح هذا الصف عيني ليس فقط على قدرة السينما على تحفيز التغيير الاجتماعي، من خلال توثيق المشاكل، أو أوضاع أو ظروف معينة وإلقاء الضوء عليها، من أجل تحفيز الجماهير على التغيير، إنما أيضاً على قدرة صناعة الأفلام ذاتها على تحسين حالة الشخص نفسه. تحديداً، أذكر الفيلم الوثائقي “حين المياه تلتقي مع السماء”. هذا الفيلم يلقي الضوء على منظمة مختصة بتعليم صناعة الأفلام للنساء في زامبيا، ومن ثم تحثهم على إنتاج أفلام قصيرة حول بعض الظروف التي تعاني منها مجتمعاتهن والتي بحاجة إلى التغيير. ولقد تسبب ذلك بصدمة للرجال بعد أن أدركوا إمكانيات زوجاتهم، لكن هؤلاء النساء تمكنّ من تفتيح عيون مجتمعاتهن على الظروف التي تواجه الأطفال الذين باتوا أيتاماً بسبب مرض الايدز. لقد حصلت على الماجستير من جامعة نيويورك وأنا أحلم بأن أتمكن يوماً ما من استخدام السينما للمساهمة في تحسين العالم، وقد عثرت بمحض الصدفة على وظيفة شاغرة على موقع كريغليست، في منظمة كانت بصدد تأسيس مهرجان سينمائي يركز على النساء في العالم الاسلامي.
مؤسسة الدوحة للأفلام: أخبرينا قليلاً عن مهرجان الأفلام القصيرة “صوت المرأة من العالم الاسلامي“، كونكِ مديرته.
كاساندرا: تم تطوير فكرة المهرجان الذي يختص بقضايا النساء من كل الأديان اللواتي يعشن في الدول ذات الأغلبية المسلمة، والنساء المسلمات اللواتي يعشن كأقليات في أرجاء العالم، بنية إظهار ليس فقط الأهوال التي تتعرض لها بعض النساء في العالم الاسلامي، لكن أيضاً لإلقاء الضوء على الأعمال الرائعة التي تروّج لحقوق المرأة، والتي أنتجتها نساء. لقد أردنا أن نوفر منبراً جديداً يمكّن هؤلاء النساء من التوجه مباشرةً إلى جمهور دولي. فنحن غالباً ما نعتمد على مصادر إعلامية تقليدية تمارس الفلترة بشكل كبير. لا بد أن الانحيازات والمعلومات المنقوصة قد أدّت إلى تكوين نظرة منحرفة عن هؤلاء النساء، وبالاستناد إلى ردود الفعل، أظن أنهن بتن جاهزات لأن يستمع العالم إليهن. وقد تلقى المهرجان أكثر من 200 مشاركة بأفلام قصيرة من أربعين دولة. وقد نشرنا الأفلام التي تم اختيارها على موقعنا (www.womensvoicesnow.org/watch)، ولقد حظينا بالكثير من الزوار الذي أبدوا آراءهم من 160 دولة. هذه الأفلام الوثائقية والخيالية وأفلام الطلاب والأفلام التجريبية، أنتجها رجال ونساء، محترفين وهواة. وقد نظمنا المهرجان من 17 إلى 19 مارس 2011، بمعهد لوس أنجلوس السينمائي بكاليفورنيا. وقد تضمن عروض أفلام، وحفلات وفعاليات أخرى متنوعة على مدى ثلاثة أيام. تم تصنيف الأفلام ضمن فئات تابعة للمواضيع التي تعالجها، وكانت جلسات نقاشية تتبع كل عرض، مع مخرجين ومختصين حول المواضيع المعالجة في الأفلام.
مؤسسة الدوحة للأفلام: من هم العاملون في المهرجان، وما الذي ألهم فكرته؟
كاساندرا: فكرة المهرجان والمنظمة ذاتها تعود للمؤسس ليزلي ساكس. فليزلي يرى في المرأة مصدراً للسلام والاستقرار، ويشعر أن لها القدرة على اتخاذ الخطوات الأسرع في مجال تطوير المجتمعات. إنه يؤمن، وكلنا مثله أيضاً في المنظمة، أن تحسين أوضاع المرأة وإشراكها أكثر في السياسة وصنع القرار، سيؤدي إلى مجتمع يتمتع بالمزيد من الحرية والعدالة في أي بلد في العالم. وقد أحضر ليزلي إلى المنظمة مديرتنا التنفيذية، كاتينكا تاباكورو، محامية سابقة في مجال حقوق الانسان، لتكون رأس الحربة لهذا المشروع، وهي قامت بدورها بتأليف فريق صغير من المتطوعين والمتدربين. وقد كنت أنا ومديرة التطوير ميريام واكيم، من أول الملتحقات بالفريق، ثم حظينا بمتطوعين رائعين آخرين لمساعدتنا على بلوغ أهدافنا: تحديداً، مديرات المشاريع لدينا بتسي لايكن، ومنى باجواني، وأولوشي إينيمانا وأماندا كيميا.

(L-R) The WVN team: Betsy Laikin, Catinca Tabacaru, Oluchi Enemanna, Cassandra Schaffa, Mona Pajwani, and Miriam Wakim
مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف تصفين منظمة صوت المرأة الآن، وما هي فوائدها بالنسبة للمجتمع لا سيما في عالم المرأة؟
كاساندرا: منظمة صوت المرأة الآن هي زواج ما بين الفن وحقوق المرأة. لطالما كان الفنانون في طليعة التغيير الاجتماعي. فالتفكير التقدمي، والفنانون الليبراليون هم من يبحثون عن عالم أكثر عدلاً ومساواة. وبالتحديد، السينما هي شكل فني جديد يثبت بأنه أداة مميزة وفعّالة في كل الحركات الاجتماعية. الآن ومع ظهور الكاميرات رخيصة الثمن والمعدات سهلة الاستخدام، أصبح بإمكان الفنانين والصحافيين على حد سواء، تحميل حكوماتهم مسؤولية الظلم الحاصل، بالاضافة إلى الوصول إلى العالم ومشاركته تجاربهم. ولست أتحدث فقط عن التجارب السلبية، لكن أقصد بذلك أيضاً كل التقدم الحاصل في قضايا حقوق المرأة حول العالم. بعض الأعمال الأروع التي تطور وضع المرأة، تأتي من العديد من دول العالم الاسلامي، وهذا النوع من المعلومات نادراً ما تبثه وسائل الاعلام الجماهيرية. بالاضافة إلى ذلك كله، موقعنا يساهم في تحفيز النقاشات حول العالم حول هذه القضايا. فدور موقع فايسبوك واضح في تأجيج ثورة مصر، وهذه المواقع الاجتماعية كفايسبوك، تويتر، يوتيوب وفيمييو، ساهمت كثيراً في الترويج لعمل منظمتنا. لقد شاهد الأفلام التي نشرناها على موقعنا أشخاص من أكثر من 160 دولة. التعليقات على أفلامنا وعلى صفحتنا على موقع فايسبوك هي بمختلف اللغات. هذا هو نوع الحوار الذي يجدر أن يدور – وليس معارك خلف الأبواب المغلقة في غرف صغيرة بالمحاكم، لكن يجب أن تكون هناك حركة عالمية باستطاعة أي أحد من أي مستوى اجتماعي واقتصادي أن يساهم فيها.
مؤسسة الدوحة للأفلام: لم اخترتِ أن تتحدثي عن النساء وتمكينهن؟
كاساندرا: إني حقاً مؤمنة بأن تحسين أوضاع المرأة، يساهم في تطوير المجتمع ككل. إن تمكين المرأة، يساهم في الاستفادة من أحد أكبر المصادر البشرية في العالم. وكما سمعت مليون مرة، وأوافق عليه، لا يوجد أي بلد قادر على بلوغ حد طاقته إذا كان يستثني 50% من شعبه. أعتقد أيضاً أن النساء قادرات على اتخاذ قرارات سلمية وعادلة، إذا أتيحت لهن الفرصة، بالاضافة إلى الانفاق بشكل سليم على الرعاية الصحية، والتعليم لأولادهن. لست أقصد أبداً أن الرجال غير قادرين على اتخاذ هذه القرارات، ولكن المرأة قادرة أكثر على وضع الصحة والبيت والعائلة في المقام الأول.
مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي الأشكال السينمائية الأخرى التي تعملين فيها، أخبرينا القليل عنها؟
كاساندرا: حالياً لا أعمل على أية مشاريع أخرى، لكني دائماً أبحث عن طرق جديدة لأوظف فيها موهبتي وشغفي. أنا جد منغمسة في رياضة الفريزبي، وأناقش دائماً مع رفاقي وأعضاء فريقي فكرة استخدام السينما والتلفزيون لأروج لهذه الرياضة في الاعلام. قد نكون بصدد عرض برنامج رياضي واقعي آخر. هاهاها.
مؤسسة الدوحة للأفلام: ماذا تعني لكِ السينما؟
كاساندرا: السينما، كأي فن آخر، هي لغة عالمية. في الحقيقة أنا أشتاق للأفلام الصامتة. لا أظن أني أشتاق إليها فعلياً، لأني لم أكن قد ولدت حين ظهرت، لكن فكرة إخبار قصة بواسطة عناصر بصرية تعجبني. منذ فترة بسيطة، ذهبت إلى عرض فيلم “نوسفاريتو” بمناسبة عيد الفصح، رافقه عزف أرغن حي، وقد لفتني امتلاء القاعة التاريخية. ليس عليك أن تتحدث اللغة ذاتها لفهم الأحاسيس ولقد فرحت بمشاهدة العديد من الأفلام الصامتة في فئة أفلام الخيال والأفلام التجريبية في مهرجاننا. من الرائع أن تشاهد فيلماً وثائقياً كفيلم “ما وراء الايمان“، عن كيفية معاناة أرامل أفغانستان تماماً كمعاناة أرامل أحداث 11 سبتمبر، لكن الأروع هو المستوى الفني الفريد في التعبير عن الفقر، والفقدان والتعاطف، بدون أي كلام، كما في فيلم “نحن نعيش في عصر ما بعد الحداثة”. ولكن، مهما كان الفيلم صامتاً أو ناطقاً، فإنه وسيلة لإيصال الصوت، والتعبير عن النفس، والتواصل مع العالم، ولقد كانت السينما بالنسبة لي أداة للتعبير عن نفسي ومشاركة تجاربي مع من هم من حولي.
مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف تطورت الصناعة السينمائية منذ دخلتي إلى المجال؟ وما الذي تعنيه لك هذه التطورات، وللدور الذي تمارسينه؟
كاساندرا: أظن أن أكبر تطور في السينما منذ دخلت المجال هو سهولة الوصول إليها. لقد أصبح بإمكان أي أحد أن يصبح صانع أفلام، مع توفر المعدات سهلة الاستخدام وغير المكلفة. أعترف بأني اشتقت إلى الشعور بالفرادة كوني أعمل في السينما حينما بدأت في عمر الخامسة عشر. فلقد كنت أقوم بأشياء لم تكن الأغلبية تعرف عنها شيئاً. الآن، باتتي أجهزة الكمبيوتر تأتي مع برامج مونتاج فيها. اما التطور الرائع الآخر الذي تخطى صناعة الأفلام، هو ظهور الشبكات الاجتماعية. لم تعد معظم المعلومات التي تصلنا مفلترة من قبل الحكومات أو مصادر الأخبار التقليدية، لكنها باتت تأتي مباشرة من المواطن، إلى المراسل، ثم الجمهور. لقد كانت هذه مسألة أردنا الاضاءة عليها في المهرجان: مبدأ استسقاء المعلومات والقصص مباشرةً من المرأة إلى الاعلام المفلتر.
مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف ترين مستقبل السينما في العالم العربي، وما التالي برأيك؟
كاساندرا: كما ذكرت سابقاً، تلقينا أكثر من 200 مشاركة في المهرجان، ونعم، شاهدتها جميعها، وكلها أثارت إعجابي. وجدت فيها مستوى عال من المواهب العربية، وطريقة رائعة في فن سرد القصة. ليست لدي أية شكوك بأنه خلال السنوات العشر القادمة، سنشهد العديد من الأفلام الكبيرة تخرج من العالم العربي.

Cassandra Schaffa with Qatar Student Filmmaker Thouria Mahmoud
مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي الرسالة التي ترغبين بتوجيهها لصناع الأفلام الشباب، أو أي أحد يرغب بالسير على خطاك؟
كاساندرا: فليكونوا مبدعين ومستعدين لبذل الغالي والنفيس من أجل السينما. حين تخرجت من الجامعة، قال لي أحدهم أننا نعمل في مجال “مميز”. الجميع يرغب بالدخول إلى هذا المجال الساحر ولكن لتحقيق ذلك، عليهم العمل بالمجّان والاستسلام لهذا التيار. إنها حقيقة كان من الصعب علي تقبلها حتى أدركت الواقع. أعتقد أني من الأشخاص الذين يفضلون الافلاس لكي يتمكنوا من القيام بكل شيء على طريقتهم، بدلاً من أن يكونوا أشقياء لأنهم يعملون على طريقة الآخرين.
مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هو فيلمك المفضل من أي نوع وأي عصر، ولماذا؟
كاساندرا: يا إلهي، أكره هذا السؤال. إني واقفة حالياً أمام مكتبة الأفلام عندي وأفكر بأن ألعب لعبة “إيني ميني سيني” لكي أجاوب عليه. دون شك، سأغير رأيي في أي فيلم أختاره، في اليوم التالي. لذا اليوم أجاوب على سؤالك وأختار فيلم “الغناء تحت المطر”. لطالما أدهشني عصر الستوديوهات في هوليوود. إنه أمر لن أتمكن من اختباره، ودون شك، هذا الفيلم يمثّل هذه الحقبة بطريقة جميلة وممتعة. إن الأفلام التي تمثل الحقبات السينمائية رائعة دائماً. الموسيقى رائعة، كما أنني أغار من الملابس الخلابة التي يرتديها أبطاله، والفيلم كله بالمجمل يمتّع نظري. بالاضافة، فقد عرفني والدي على مجال السينما، وتحديداً الأفلام الغنائية الكلاسيكية، لذا “الغناء تحت المطر” يذكرني دائماً به وبطفولتي.